Friday, February 26, 2010

المطلق و المقيد

التعريف
المطلق هو الذي يدل على موضوعه من غير نظر إلى الوحدة أو الجمع أو الوصف بل يدل على الماهية من حيث هي كالرقبة فى قوله نعالى (فك رقبة)
حكم المطلق : المطلق يجرى على إطلاقه, ما لم يرد دليل يرد على التقييده. وذلك إذا ورد مطلقاً في موضع دون أن يقيد في موضع آخر. مثل قوله تعالى في كفارة اليمين ((أو تحرير رقبة)) سورة المائدة: 79. فإنّ الرقبة بإطلاقها تدلّ على إجزاء المؤمنة والكافرة.
فإن دلّ الدليل على تقييد المطلق عمل بالقيد. كما في قوله تعالى ((من بعد وصية تؤصون بها أو دين)) النساء: 12. فإنّ الوصية وردت المطلقة عن التقييد بمقدار معيّن. ولكن قام الدليل على بقييدها بالثلث, وهو قوله صلى الله عليه وسلم لسعد ابن أبى وقاص ((الثلث, والثلث كثير, إنّك إن تذر ورثتك أغنياء, خير من أن تذرهم عالة, يتكففون الناس((متفق عليه.
والخلاصة: إنّ المطلق على إطلاقه حتى يثبت ما يقيده.
المقيد هوما يدل على الماهية مقيدة بوصف أو حال أو غاية أو شرط أو بعبارة عامة بأي قيد من القيود من غير ملاحظة عدد, كقوله تعالى : (فتحرير رقية مؤنة) و هذا مثال المقيد يوصف, و مثال المقيد بشرط قوله تعالى : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) فصيام ثلاثة الأيام مقيد يألا يجد رقية ولا طعاما زلا كسوة, و مثال التقييد بالغاية قوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فالصوم مقيد بغاية وهي الليل فلا يجوز صوم الوصال
حكم المقيد: المقيد يعمل به على تقييده, ما لم يدلّ دليل على إلغاء القيد, فيلغى حينئذ القيد اللاحق به. مثله في كفارة الظهار ((فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا)) المجادلة: 4. ورد الصيام مقيداً بتتابع الشهرين, وبكونه قبل العودة إلى التَّماس والاستمتاع بالزوجة التي ظاهر منها, فيعمل به على تقييده بهذين القيدين, فلا يجزئ في كقارة الظهار تفريق الصيام, كما لا يجزئ كونه بعد الاستمتاع تالزوجة, وإن كان متتابعاً. ومثاله تحريم الدم المسفوح في آية ((إلّا أن يكون ميتة أودماً مسفوحاً)) قيد الدم المحرم بكونه مسفوحاً, أما الدم الجامد كالكبد والطحال فليس بمحرم.
وأما مثال إلغاء القيد فهو في قوله تعالى في بيان المحرّمات ((وربائبكم التي في حجوركم من نساءكم التي دخلتم بهنّ)) يعمل بالقيد الثانى وهو اشتراط الدخول بالزوجة, فلا تحرم بنت الزوجة إلا إذا دخل الزوج بأمها, ولا يعمل بالقيد الأول وهو كونهنّ في الحجور أي في رعاية الأزواج وتربيتهم, وإنما ذكر في الآية بناء على العرف الغالب من أحوال الناس, وهو كون الربيبة غالباً مع أمها في بيت الزوج, ومقتضاه حرمة الربيبة ولو كانت في غير بيت الزوج, لإلغاء هذا القيد, بدليل أنّ الله تعالى اكتفى في مقام التحليل بنفي القيد الثاني فقط, فقال: فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم)) ولم يتعرض لنفي القيد الأول وهو وجود الربيبة في حجر الزوج.
والخلاصة: إنه يعمل بالمقيد على تقييده, حبى يثبت إلغاء القيد, فلا يصح العدول إلى الإطلاق إلا بقيام دليل يدلّ على ترك التقييد.
حمل المطلق على المقيد
معناه بيان المقيد للمطلق أو تقييد المطلق بالمقيد, فإذا طلب الشارع صيام ثلاثة أيام لمعسر قي كفارة اليمين مطلق دون تقييده بالتتابع.ثم ورد نص آخر يقيد هذه الكفارة بالتتابع, ففي حمل المطلق على المقيد نوجب التتابع.
واتفق العلماء على جواز حمل المطلق على المقيد, لكنهم اختلفوا في الحالات التي يصح فيها ذلك.
فإذا ورد مطلق ومقيد في نصين, فإما أن يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم أو في نفس الحكم:
1. أن يكون الإطلاق والتقييد في سبب الحكم
وهي مختلف فيها; فقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد, وإنما يعمل بكل من النصين على حدة. وقال الجمهور غير الحنفية: يحمل المطلق على المقيد هنا. مثاله: حديث ابن عمر ((فرض رسول الله زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر, أو صاعا من شعير على العبد والحر, والذكر والأنثى, والصغير والكبير من المسلمين)) وفي رواية أخرى لم يذكر فيها ((من المسلمين)).
إن الحكم في النصين واحد وهو وجوب زكاة الفطر, ولكن وجد الإطلاق والتقييد في سبب الحكم, وهو الشخص الذي يمونه المزكى, إذا ورد في أحدهما مقيداً بأنّه من المسلمين, وورد في ثانيهما مطلقاً عن هذا القيد.
فقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد هنا, وإنّما يعمل بكل منهما, فيجب على المسلم أداء زكاة الفطر على كل من يمونه المتصدق, مسلما كان أم غير مسلم, عملا بالمقيد في النص الأول, وبالمطلق في النص الثاني, ويمكن أن يكون المطلق سبباً والمقيد سبباً.
وقال الجمهور: يحمل المطلق على المقيد, أي يحمل المطلق في النص الثانى على المقيد في النص الأول, فلا تجب صدقة الفطر إلا على من يمونه الشخص من المسلمين. وبه أخذ الشوكانى حيث قال عند كلمة ((من المسلمين)): فيه دليل على اشتراط الإسلام في وجوب الفطرة, فلا تجب على الكافر.
استدل الحنفية على رأيهم: بأن حمل المطلق على المقيد يكون عند وجود التنافي بينهم, وإذا كان الإطلاق والتقييد في سبب الحكم فلا يتحقق التنافي لإمكان العمل بكل منهما على حدة. إذا يجوز أن يكون لشيء واحد أسباب كثيرة, كثبوت الملك, فإنه يمكن حصوله في كل من البيع والهبة والوصية والميراث وإحياء الموت.
واستدل الجمهور: بأن الحادثة إذا كانت واحدة, كان الإطلاق و التقييد في شيء واحد, وإن لم يكونا في حكمين, والشيء الواحد لا يجوز أن يكون مطلقاً ومقيداًفي آن واحد للتنافي بينهما, فلا بد أن يجعل أحدهما أصلا ويبنى اللآخر عليه, وبإعتبار أن المطلق ساكت عن القيد, والمقيد ناطق بالقيد, فكان أولى بأن يجعل المقيد أصلا ليكون للقيد فائدة, ويبنى المطلق عليه.
ولا يخفى أن رأى الجمهور أرجح, لأن الخطاب للمسلمين, سواء نص عليهم أم لا. ومن أمثلة هذه الحالة أيضاً: إطلاق كلمة الغنم في حديث, وتقييدها في آخر بالسوم, أما الحديث الأول فهو ((وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة)) وأما الحديث الثانى فهو ((وفي الغنم من أربعين شاةً شاةٌ)) فقد اتحد سبب وجوب زكاة الغنم الذي هو العدد الخاص من الغنم, فقال الحنفية والشافعية: يحمل المطلق على المقيد, فتجب الزكاة في الغنم السائمة دون المعلوفة.
2. أن يكون الإطلاق والتقييد في نفس الحكم
لهذه الحالة صورة أربع, وإذ إنه إما أن يتحد الحكم أويختلف, وفي كلتا الحالتين إما أن يتحد السبب أو يختلف.
- الصورة الأولى: أن يتحد المطلق والمقيد في الحكم والسبب
وحكمها أن يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء, لأن التقييد زيادة لا يفيدها الإطلاق, ولا يصح أن يختلف المطلق على المقيد مع اتحاد السبب والحكم, لأن السبب الواحد لا يوجب المتنافيين في وقت واحد, ومن عمل بالمقيد عمل بالمطلق, أما من عمل بالمطلق فلم يف بالعمل بدلالة المقيد, فكان الجمع هو الواجب والأولى.
مثل ذلك: قوله تعالى في موضع بالنسبة للتيمم ((فامسحوا بوجوهكم وأيديكم)) وفي موضع آخر ((فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)) . فالسبب واحد في الآيتين وهو إرادة الصلاة, والحكم واحد أيضاً وهو وجوب المسح, فيحمل المطلق على المقيد, ويكون الواجب في التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب الطاهر لا النجس.
- الصورة الثانية: أن يختلف الحكم والسبب
مثل قوله تعالى ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) وقوله الآخر ((فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)) . لفظ "أيديهما" في الآية الأولى مطلق, وفي الآية الثانية "وأيديكم" مقيد, والسبب في الآيتين مختلف, وهو السرقة, وإرادة الصلاة و وجود الحدث. والحكم مختلف أيضاً, وهو قطع يد السارق و غسل الأيدي. ونظراً لهذا الاختلاف في السبب والحكم لا يحمل المطلق على المقيد باتفاق أكثر العلماء, لعدم المنافاة في الجمع بينهما, لكن حددت السنة موضع قطع يد السارق وهو من الرسغ, فإنه عليه الصلاة والسلام ((أمر بقطع يد السارق من الرسغ)).
وقيل: يتيمم إلى المرافقين حملا للمطلق على المقيد, وقيل:إلى الكوعين, لأنه عضو أطلق النص فيه, فيختص بالكوعين, قياساً على القطع في السرقة.
- الصورة الثالثة: أن يختلف الحكم ويتحد السبب
مثل قوله تعالى في الوضوء ((فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)) وقوله في التيمم ((فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)) الأيدي في الوضوء مقيدة بالمرافق, ومطلقة في التيمم, والحكم مختلف في الآيتين, فهو غسل في الوضوء و مسح في التيمم, أما السبب فهو متحد وهو الحدث وإرادة الصلاة.
واتفق أكثر العلماء على أنه لا يحمل المطلق على المقيد هنا, ويعمل بكل منهما على حدة, إلا إذا دلّ الدليل على الحمل, إذ لا تنافي في الجمع بينهما, وحينئذ لجأ المجتهدون إلى السنة, فقال الحنفية والشافعية: الواجب هو مسح الأيدي إلى المرافق, لقول النبى لحديث ابن عمر مرفوعاً ((التيمم ضربتان: ضربة للوجه, وضربة لليدين إلى المرافقين)) . وقال المالكية والحنابلة: الواجب هو مسح الكفين فقط, لأن النبي أمر عمر ابن ياسر بالتيمم للوجه والكفين.
- الصورة الرابعة: أن يتحد الحكم ويختلف السبب
مثل كفارة الظهار وكفارة القتل الخطأ. قال تعالى عن كفارة الظهار ((فتحرير رقبة من فبل أن يتماس)) وقال عن كفارة القتل الخطأ ((فتحرير رقبة مؤمنة)) ولفظ "رقبة" مطلق في الآية الأولى, ومقيد بالإيمان في الآية الثانية, والحكم متحدغي الآيتين, ولكن السبب مختلف, فهة في الظهارإرادة العودة إلى الاستمتاء بالزوجة, وفي القتل: القتل الخطأ.وهذه الصورة مختلف فيها, فقال الحنفية وأكثر المالكية: لا يحمل المطلق على المقيد, ويعمل بالمطلق في محله, وبالمقيد في موضعه, فيجب في كفارة القتل الخطأعتق رقبة مؤمنة, وفي كفارة الظهار عتق رقبة, سواء أكانت مؤمنة أم كافرة. . واستدل ذلك بعدم التعارض بينهما لأن اختلاف السبب يمنع وجود التعارض.
وقال الشافعية والحنابلة وبعض المالكية: يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة, فيجب عتق رقبة مؤمنة في كل من كفارة القتل الخطأ وكفارة الظهار. واستدلوا بأن اتحاد الحكم فى النصين يقضى بحمل المطلق على المقيد حتى لا يكون هناك التخالف بين النصوص الواردة فى شيء واحد لأن القرآن كله كالكلمة الواحدة فى وجوب بناء بعضه على بعض
ويجاب عن الدليل الثاني بأن المطلق ليس داخلاً في المقيد, وسبب الكافرتين مختلف, فالقتل يقتضي زيادة الزجر, لخطورته, والظهار يقتضي التخفيف لخفة فساده بالنسبة للقتل. فأرجح الرأي الأول لقوة دليله.
الخلاصة: إن حمل المطلق على المقيد متفق عليه في حالة اتحاد الحكم والسبب, ولا يحمل المطلق على المقيد إذا اختلف الحكم و السبب, أو اختلف الحكم واتحد السبب. واختلف الأصوليون فيما إذا كان الإطلاق والتقييد في السبب دون الحكم, أوكان في نفس الحكم واختلف السبب واتحد الحكم.
المرجع
- الإمام محمد أبو زهرة, أصول الفقه, دار الفكر العربى
- أ.د. وهبة الزحيلى, أصول الفقه الإسلامى, الجزء الأول, الطبعة الثالثة 2005 م دار الفكر دمشق



Share it to your friends..!

Share to Facebook Share this post on twitter Bookmark Delicious Digg This Stumbleupon Reddit Yahoo Bookmark Furl-Diigo Google Bookmark Technorati Newsvine Tips Triks Blogger, Tutorial SEO, Info

0 comments "المطلق و المقيد", Baca atau Masukkan Komentar

Post a Comment

Anda peminat madu asli?
Kunjungi target='blank'>Amiriyah madu